أحد أكثر الفصول مأساوية في التاريخ كُتب في ساريكاميش خلال أيام ديسمبر الباردة عام 1914. فقدت الإمبراطورية العثمانية حوالي 90,000 من أبنائها، ليس بسبب الرصاص بل بسبب درجات الحرارة المتجمدة، خلال حملتها ضد الروس على جبهة القوقاز في الحرب العالمية الأولى. كان أحد الأسباب الرئيسية لهذه الكارثة هو إرسال جنودنا إلى الجبهة دون معدات مناسبة أو ملابس شتوية أو إمدادات أو دعم لوجستي.
لم تكن الحرب هي التي قتلتهم، بل البرد
كان الهدف من حملة ساريكاميش هو تطويق الجيش الروسي وتحرير شرق الأناضول من الاحتلال. ومع ذلك، تم إعداد هذه الخطة الاستراتيجية دون مراعاة قسوة ظروف الشتاء والظروف الجغرافية القاسية. اضطر معظم جنودنا إلى عبور جبال الله أكبر، المغطاة بكميات كبيرة من الثلوج، وهم يرتدون زيًا صيفيًا وأحذية رقيقة. مع انخفاض درجات الحرارة إلى -30 درجة مئوية، أصبحت هذه المنطقة فخًا مميتًا للجنود غير المستعدين. بالإضافة إلى نقص المعدات وانقطاع الاتصالات والشحنات غير الصحيحة، كانت الخسائر حتمية.
لو كان هناك ما يكفي من المعدات والإمدادات…
لو كان جنودنا يمتلكون ما يكفي من المعدات والإمدادات، لكان من الممكن تجنب هذه الخسائر الفادحة. لو تم توفير الدعم اللوجستي بشكل مناسب في ظل ظروف ذلك اليوم وتلبية احتياجات الجبهة في الوقت المناسب، لكان مسار العملية قد تغير وأسفر عن النصر، ولتم تجنب معظم الخسائر البشرية. تظهر لنا هذه الحالة مرة أخرى أن الحروب لا تُربح بالجنود فحسب، بل بالخطط واللوجستيات والتكنولوجيا أيضاً.
ثمن الإهمال: 90,000 روح
ما حدث في ساريكاميش ليس دليلاً على استراتيجية حربية فحسب، بل أيضاً على ما يمكن أن يكلفه الإهمال ونقص الاتصالات ونقص المعدات. جنودنا الشجعان، الذين ضحوا بحياتهم من أجل وطنهم، لم يموتوا برصاصات، بل بسبب الجوع والبرد. هذه الحقيقة لا تكسر قلوبنا فحسب، بل تشكل أيضًا تحذيرًا في تاريخنا.
الخلاصة: التذكر والتعلم
لم يترك لنا شهداء ساريكاميش إرثًا من بطولتهم فحسب، بل أيضًا من المأساة التي عانوا منها. يمكن الحفاظ على ذكراهم حية ليس فقط من خلال إحياء ذكراهم، بل أيضًا من خلال تعلم الدروس لمنع تكرار مثل هذه المعاناة. إن الوضع الحالي للقوات المسلحة التركية من حيث المعدات واللوجستيات هو نتيجة لعدم نسيان تلك المعاناة الماضية.
دعونا لا ننسى: لو كان جنودنا مجهزين بالمعدات والعتاد اللازمين وفقًا لظروف ذلك اليوم، لكان جبل الله أكبر اسمًا للنصر بدلاً من مقبرة جماعية. وكان من الممكن أن يكون مصنعو تلك المعدات والعتاد أبطالًا مجهولين في ذلك النصر.
إن الوضع الذي وصلت إليه بلادنا اليوم من حيث المعدات والإمدادات هو بلا شك بفضل الإرادة التي تعلمت من الماضي والأبطال المجهولين الذين عملوا وأنتجوا ليل نهار بحب وطنهم.
فلتبارك أرواحهم ولتكن مثواهم الجنة.
مجلس إدارة İGEF
